“رقصة سماء”.. رحلة بين مدنس الواقع و مقدس الماضي

كبرعم داعبته النسائم فأزهر، حملتنا “رقصة سماء” إلى تماهي و تناص بين فنون مختلفة، اختلط فيهما الواقع بالخيال في طرح فلسفي وجودي بنفحات صوفية.
وعلى إيقاع حياة “هالة” الشخصية الأسيرة في عالم العائلة، تتشكل مشاهد المسرحية ويتدفق النص فيها ليمضي من نقد ظواهر اجتماعية واقتصادية وثقافية إلى الإنغماس في دواخل الإنسان.
بين الفني والإنساني، الواقعي والمتخيل، الماضي والحاضر، تتهادى “لوحة” الطاهر بن عيسى العربي، لتحمل المشاهد إلى كواليس صناعة الأفلام؛ السيناريو والكاستينغ والديكور والتصوير والمشاكل والصعوبات.
من رقصة الدراويش تستمد ال “رقصة”.. تفاصيلها، و تبحر بك بين كتب التصوف الفارسية و العربية و الفكر الفلسفي الوجودي.
بين عالم “هالة” في القرن ال 21 وعالم شمس الدين التبريزي في القرن 13، يوجِد الطاهر عيسى بن العربي سبيلا بين القصتين ويخلق عالما مخصوصا بمثابة البرزخ بين العالمين الممتدين في الزمان والمكان.

مرض السرطان، الزهايمر، الصحة النفسية، الصراعات العائلية، الانهيار القيمي، الأوبئة، الحروب، الأحكام المسبقة، وضعية الفن والفنانين،.. إحالات تظهر فيما تبحث “هالة” عن الخلاص.
المطالعة كانت ملاذا والكتاب كان بوابة للعبور بين الماضي والحاضر، إذ اصطدمت صدفة بالحب من خلال كتاب مؤلفه مغمور، و اكتملت هاهنا ملامح روحانية وفلسفية العرض.
رحلة العبور لم تقتصر على شخصية “هالة” فحسب، بل شملت كل الشخصيات التي تنقل فيها الممثلون بسلاسة بين الوضعيات الدرامية والكوميدية وبين المواقف الجادة والطريفة، وبين العامية و الفصحى، بين تقلبات الحياة وحتمية الموت.

على إيقاع الثنائيات المتواترة، تحضر السينما بأسلوب لافت، يمرر واقعا فظيعا عن هذه المهنة، ويضفي المزيد من الجمالية على العمل المسرحي، وتظهر المشاهد المتخيلة في الشاشة ومشاهد أخرى من الواقع على غرار الأحداث التراجيدية في السودان وغزة.

“رقصة سماء” من إنتاج المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع كل من المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف والمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بزغوان، و من أداء منى نورالدين، هاجر حمودة، خالد الزيدي، لزهر الفرحاني، عبدالكريم البناني، شيماء الزعزاع، حمزة الورتتاني، منير الخزري، إيمان المناعي وآمنة المهبولي.