منح جديدة لأعضاء المجالس المحلية في تونس تثير الجدل وسط سياسة التقشف ونقص المواد الأساسية

في خطوة مثيرة للجدل، صادقت الحكومة التونسية مؤخرًا على قرار يمنح امتيازات مالية جديدة لأعضاء المجالس المحلية المنتخبة، في وقت تتبنّى فيه الدولة سياسة تقشف صارمة تشمل تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية وتقليص النفقات العمومية.
ويأتي هذا القرار في ظرف اقتصادي حساس تعيشه البلاد، يتميّز بارتفاع نسبة التضخم، نقص حاد في المواد الأساسية مثل السكر والفارينة والأدوية، وتراجع واضح في جودة الخدمات العمومية.
أرقام تكشف التناقض
بلغ العجز في الميزانية العامة أكثر من 10 آلاف مليون دينار، وفق آخر بيانات وزارة المالية، في حين ارتفعت نسبة الدين العمومي إلى حوالي 80% من الناتج الداخلي الخام.
رغم ذلك، صادقت الدولة على منح شهرية لأعضاء المجالس المحلية تتراوح بين 800 و1500 دينار حسب المهام، وهو ما قد يكلف الميزانية العامة أكثر من 120 مليون دينار سنويًا، بحسب تقديرات أولية.
تصريحات واحتجاجات
في حديث لـ”ماغ فوكس”، قال الناشط في المجتمع المدني وليد الزيدي، عضو تنسيقية “مواطنون ضد التهميش”:
“إحنا موش ضد المجالس المحلية في حد ذاتها، لكن ضد التوقيت وضد الأولويات. المواطن اليوم موش لاقي دواء السكر والضغط، والخبز نقص في عديد الجهات، والحكومة تفرّق في منح على ناس ما زالوا ما خدموش. هذا استفزاز للشعب.”
رأي اقتصادي: قرار يفتقد للواقعية
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب أنّ هذا القرار “يؤكد انفصال الحكومة عن واقع الشارع التونسي”. وأضاف:
“الدولة دخلت فعليًا في مرحلة تقشف معلنة، وتجميد الانتدابات هو مؤشر واضح على الأزمة. إقرار منح جديدة دون موارد إضافية واضحة يمثّل عبءً إضافيًا على ميزانية الدولة، خاصة في ظل غياب رؤية إصلاحية شاملة.”
واقع اجتماعي مأزوم
في الأسواق، تتضاعف شكاوى المواطنين من ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية. المخابز تغلق أبوابها مؤقتًا بسبب غياب الفارينة، والأدوية المنقذة للحياة تغيب عن الصيدليات. وفي هذا السياق، تبدو قرارات الحكومة بعيدة كل البعد عن أولويات الناس اليومية.
أخيرا، رغم أهمية المجالس المحلية في إرساء الديمقراطية القاعدية، إلا أن سياق إقرار هذه المنح، دون شفافية كافية أو تحضير اقتصادي، يطرح أسئلة جوهرية حول الحوكمة الرشيدة وتحديد الأولويات. ويبقى المواطن، كالعادة، الحلقة الأضعف في معادلة لا تتوازن.